متابعة: ضمياء فالح
غاصت الصحافة البريطانية في تفاصيل حياة مدرب ليدز يونايتد، مارسيلو بيلسا ليس لأنه سيواجه البطل ليفربول في افتتاح الموسم فقط، بل لأنه صعد بفريقه لأول مرة منذ 16 عاماً للأضواء. لم يدرك كالفن فيليبس لاعب ليدز يونايتد حجم الهدية التي منحها إياه مدربه الأرجنتيني، عندما استدعاه لمكتبه ليبلغه بقرار مدرب إنجلترا جاريث ساوثجيت إشراكه في تشكيلته لمواجهة الدنمارك.
يقول فيليبس أن مكتب بيلسا أشبه بقلعة محمية لا يدخلها اللاعبون أبداً ويضيف:«لا نرى المدرب إلا في التمرينات ويلتقي بأعضاء من الكادر عند الحاجة فقط في المكتب».
ويضيف:«كان بيلسا يشد شعره، لأنه يعتقد أنه لم يتجهز بالشكل الكافي لليفربول ثم مد يده وأعطاني قميص موضة قديمة، لم أعرف ما هذا القميص. ظننت أنه قميص بولو عادي، ثم أدركت أنه قميص نيويل أولد بويز في السبعينات، وأنه قميص بيلسا الذي ارتداه في 25 مباراة فقط مع النادي الأرجنتيني العريق».
كانت هناك أيضاً رسالة من والدة فيليبس وجدته، لكن قميص مدربه ترك فيه الأثر الأكبر ويعلق:«كانت مبادرة لطيفة من قبله،إذا لعبت أمام الدنمارك سأعطيه قميصي».
ليدز أو ما يطلق عليه الآن سندريللا الدوري الممتاز، سيذهب إلى الحفل أخيراً بقيادة مدرب هو الأكبر تأثيراً في القرن الـ21 رغم أنه ليس الأكثر تتويجاً وفيليبس مثالاً على ذلك ويعلق اللاعب:«يعرف جيداً ما يريد وعندما يريد مني اللعب كلاعب ارتكاز يدربني على هذا الأساس، وهو يراقب بالفيديو كل حركة في التمرينات».
في المقابل، علق ألفيو باسيل الذي قاد الأرجنتين للقبي كوبا أمريكا وسجله أكبر من بيلسا على اهتمام الإنجليز بمواطنه وقال:«بيلسا جيد، لكنني لا أفهم كيف يبث التلفزيون الأرجنتيني مباراة درجة أولى في إنجلترا، بيلسا لم يدرب فريقاً كبيراً ولم يتحمل ضغط الفوز بألقاب، لكنه محاط بمكانة إعلامية».
باسيل نسي أن ملعب نيويل أولد بويز يحمل اسمه، لأنه هو صاحب نهضته في العصر الحديث، فلولا كشافته لما سمع العالم بباتيستوتا وتيفيز وبوكتينيو.
لا يتقن بيلسا الملقب بـ«ال لوتشو» ( المجنون)، الإنجليزية لذا تجده يبتعد عن المقابلات الصحفية، لكن عندما حصد لقب الدرجة الأولى احتفل مع المشجعين الذين احتشدوا أمام شقته المستأجرة فوق دكان في ويذربي. جمهور ليدز يعتبره أسطورة لمجرد الصعود، لكن جمهور نيويل أولد بويز تجمعوا بعد الخسارة في إحدى المباريات 6-صفر أمام منزله للمطالبة باستقالته. حينها كانت زوجته وبناته الصغار في المنزل، فخرج حاملا قنبلة يدوية واقترب من المشاغبين وصرخ:«سأفجر القنبلة إذا لم ترحلوا فورا». يقول أحد الشهود على الحادثة: «كان الجنون بادياً في نظراته، لم يستطع أحد النظر إليه مباشرة، كل العيون كانت على القنبلة وتراجعوا».
برر بيلسا لزميله السابق في نيويل أولد بويز خورخي فالدانو بطل مونديال 1986 ما حصل تلك الليلة في رحلة طيران على هامش أمم أوروبا 1996 وقال:«هل يراودك شعور بقتل نفسك بعد خسارة مباراة ؟ كان فريقي نيويل أولد بويز بحاجة للفوز في آخر مباراة، كي يحصد اللقب، زوجتي كانت حاملاً وتعاني تعقيدات، لذا قلت لها اتصلي بشقيقتك أو والديك في حال حدث طارئ، لكن لا تتصلي بي. كانت مباراة ديربي أمام روزاريو سنترال، واللاعبون لم يكونوا جادين». بيلسا ليس متميزاً في العلاقات الاجتماعية، قال عنه مترجمه فابريس أولزفسكي إنه مثل الرسام فان جوخ، عبقري لكن معقد في العلاقات الاجتماعية.
يبدو بيلسا مهووساً بكرة القدم لكن الكرة لم تكن المهنة التي نشأ عليها في العائلة، فجده كان قاضياً في المحكمة العليا بالأرجنتين، ودرس القانون في جامعة بوينيس آيريس وحصل على لقب بروفيسور شرف من جامعة السوربون الفرنسية. والد بيلسا، رافائيل، كان محامياً في روزاريو، وشقيقه واسمه أيضاً رافائيل كان وزير الشؤون الخارجية في الأرجنتين وهو الذي قاد مباحثات مع جاك سترو نظيره الإنجليزي حول تطبيع العلاقات بعد أزمة جزر فوكلاند، ويعمل حالياً سفير الأرجنتين في تشيلي، أما شقيقته ماريا يوجني فمهندسة وترأس حالياً وزارة الإسكان. بيد أن العمل في القانون تسبب في خطف شقيقه رافائيل الذي هرب إلى أسبانيا للنجاة بحياته، وكان رافائيل ممثل بيلسا في مباحثات عقده مع ليدز ويقول عن شقيقه: أخي طراز قديم، يكتفي بشقة بسيطة، ولا يحب السيارات الفارهة.
التعليقات