لطالما ارتبطت سباقات الخيل في المملكة العربية السعودية بـ”الملز” أحد أحياء العاصمة الرياض، والذي ترعرعت بين أحضانه السباقات لأكثر من 70 عام تقريباً، وقد اكتسب الحي اسم الملز من “لز الخيل” -بمعنى اجتماعها للسباق-، البداية كانت في عهد الملك المؤسس الذي زرع حب الخيل وركوبها في نفوس أنجاله ورجالات دولته الفتية بعد استقرار الأمور وتوحيد المملكة، حيث كانت السباقات تنطلق من قصره في المربع شرقاً الى محطة القطار الحالية ثم تنحني شمالاً إلى موقع كلية الملك فيصل الجوية ومصنع ببسي كولا في حي الملز، إلى أن صارت السباقات تقام رسمياً في نادي الفروسية الذي أنشئ في عام 1965م بتوجيه من الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
والى جوار نادي الأعضاء الحالي بالملز كان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يجلس فيه لمشاهدة جزء من السباقات التي كان يرعاها ويشجع عليها، وبالقرب من ذلك الموقع انشأ الملك سعود عام 1953م أول منصة رسمية لسباقات الخيل، كانت نواة إنشاء ميدان السباق ونادي الفروسية كأول ميدان لسباقات الخيل في المملكة يعمل وفق الانظمة الحالية في سباقات الخيل وترأسه حينها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان ولياً للعهد آنذاك.
وطبقت في ذاك الوقت معايير السلامة وشروطها ومنها تسوية الأرض، واشتراط لبس الخوذة وتأمين السرج للخيال، بالإضافة لجهاز الانطلاق، و”تحديد مسافات السباق” بعد أن كانت الخيل تركض ما بين “10-20 كم” لتُقلص إلى
نحو “3 كم” في مضمار يحيط بـ”حديقة الملك عبدالله الحالية” و”ملعب الأمير فيصل بن فهد” لكرة القدم، ثم تقلصت مسافة الميدان إلى “1800م” وهي المساحة التي تشغلها الحديقة حالياً، وكان الفرسان يجلسون قبل ذلك الوقت على صها الجياد مباشرة دون سروج.
وقد بدأت السباقات بأربعة أشواط للخيل بأعمار مختلفة ثم جرى تصنيف الخيل إلى درجات أربع “المبتدئة، الثالثة، الثانية والأولى” بالإضافة للأشواط المفتوحة وفق أعمارها لفترة من الزمن وفي منتصف الثمانينات بدأت الخيل الإنجليزية بالتوافد إلى ميدان الملز، ومعها قَدم الخيالة الأجانب، وكان أغلبهم من الجنسيات العربية وبعض الأسيويين، ومن ثم الخيالة المحترفون من أمريكا الجنوبية، لنرى بعد ذلك في منتصف التسعينات الخيالة المحترفين الدوليين يمتطون صهوات الجياد ضمن البطولات الكبرى في الميدان السعودي، وفي تلك الفترة زاد عدد أشواط السباقات إلى سبعة وثمانية، وفي العام 2002م انتقلت السباقات إلى ميدان الملك عبدالعزيز بالجنادرية الصرح الشامخ والذي يربط الماضي بالحاضر، والحاضر بالمستقبل.
وكان ميدان الملز قبلة لملوك ورؤساء وزعماء دول العالم الذين توافدوا إلى المملكة بين عامي “1968م – 1998م”، حيث زار الميدان أكثر من 20 زعيماً من بينهم الملكة “اليزابث” الثانية وولي عهدها الأمير “تشارلز”، الرئيس الفرنسي “ديستان”، رئيس وزراء ايطاليا “جوفاني ليوني”، رئيس تركيا “كنعان ايفرين”، رئيسة وزراء الهند “انديرا غاندي”، رئيس باكستان محمد ضياء الحق، السلطان قابوس بن سعيد، الشيخ صباح الأحمد الصباح، الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، الشيخ سعد العبدالله الصباح.
التعليقات