جوارديولا يدفع ثمن رهانه التكتيكي

دفع الإسباني بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي ثمن تغيير أسلوب لعبه ووقع ضحية رهانه التكتيتي ليخرج من الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمام ليون الفرنسي، في مواجهة دخل إليها مرشحا للفوز، لتستمر عقدته في هذه المسابقة منذ رحيله عن برشلونة الإسباني.
يقول العالم الألماني البرت اينشتاين إن "الجنون، هو أن تكرر الأمر ذاته وتتوقع نتيجة مختلفة".
يعتبر جوارديولا أحد أنجح المدربين في عالم المستديرة إذ حقق ما مجموعه ثمانية القاب في بطولة الدوري المحلي في كل إسبانيا،ألمانيا وإنجلترا اضافة إلى لقبين في دوري أبطال أوروبا.
إلا ان لقب المسابقة الأوروبية الأهم لا يزال غائباً عن خزائن النادي الإنجليزي الذي تعاقد مع جوارديولا عام 2016 من أجل المجد الأوروبي.
جوارديولا مهووس بكرة القدم، هذا أمر ليس بجديد، ومهووس ايضاً بتغييراته التكتيكية الكثيرة، هو الذي يبحدث دائماً الكمالية، لذا ما من تشكيك في نسبة ذكائه الكروي.
ولكن بعد أن حقق لقب دوري الأبطال في مناسبتين مع برشلونة في بداية مسيرته التدريبية عامي 2009 و2011، هو لم يتجاوز الدور نصف النهائي في ثلاثة مواسم مع بايرن ميونيخ الألماني فيما لم يتخط عقبة دور ربع النهائي مع سيتي بعد إقصاء للموسم الثالث توالياً.
وتحسر البلجيكي كيفن دي بروين الذي اختير أفضل لاعب في الدوري الممتاز لموسم 2019-2020 على الخسارة معتبراً أنه "عام جديد والأمور نفسها. يجب ان نتعلم، هذا ليس كافيا".
اللافت في هذه العقدة هو تكرار نفسس الخطأ، فبعد موسم كامل يقدم خلاله سيتي اداءا جيداً معتمداً على اسلوب او اثنين، يخرج بيب فجأة من هذا النظام مثيرا استغراب النقاد والمشجعين.
وقال بيب (49 عاماً) الذي سبق أن اعترف انه سيحكم على فترته في سيتي على انها "فاشلة" في حال عدم التتويج بدوري الأبطال بعد اللقاء "ربما يوماً ما سنتجاوز ربع النهائي،أنا غير قادر على القيام بذلك مع هؤلاء اللاعبين الرائعين".
أمام ليون،اختار جوارديولا اللعب بثلاثة لاعبين في قلب الدفاع،إذ اجرى تعديلاً تكتيكياً على التشكيلة التي فازت على ريال مدريد في إياب ثمن النهائي معتمداً تشكيل 3-5-2 غير المشهور به، فدخل اسم المدافع الإسباني الشاب اريك جارسيا على حساب شاب آخر هو المهاجم فيل فودن، ليلعب إلى جانب الفرنسي ايمريك لابورت والبرازيلي فرناندينيو.

طريقة مورينيو

ووصف موقع "ذي اتلتيك" التشكيلة التي بدأ بها الإسباني أنها أشبه بـ طريقة مورينيو" المدرب البرتغالي لنادي توتنهام والذي اشتهر في مسيرته بأسلوبه الدفاعي، على عكس جوارديولا وكرته الهجومية.
وقال مدرب برشلونة السابق بعد المباراة: "حاولنا تعزيز نقاط ضعفنا مقارنة بنقاط قوتهم، مثل حقيقة أنهم يهاجمون بشكل جيد للغاية على الأروقة. ولم أرغب في السماح لهم بتطوير أسلوب لعبهم".
وسبق أن كرر بيب قبل اللقاء ضرورة ان يكون فريقه حذراً من ليون الذي اقصى يوفنتوس بطل إيطاليا من دور ثمن النهائي.
خطر الثقة المفرطة في لاعبيه بعد أن أصبح سيتي أول فريق يقصي ريال مدريد بقيادة مدربه الفرنسي زين الدين زيدان من دوري أبطال أوروبا عندما أخرجه من ثمن النهائي، كان حقيقيا.
ولكن بالنظر إلى التشكيلة الاساسية التي بدأت المباراة، تساءل البعض "هل كان سيتي خائفاً من ليون؟
وبدا ذلك في الشوط الأول تحديداً حيث انتظر سيتي للعودة إلى تشكيلته الكلاسيكسية 4-3-3 بعد مرور ساعة على انطلاق المباراة من اجل الظهور بمستواه المعهود.
وسبق أن صرح الألماني توماس مولر مهاجم بايرن ميونيخ لصحيفة "ذي اتلتيك" في فبراير الفائت أنه "في المباريات الاقصائية، يكون بيب دائماً حائراً بين التنبه واحترام نقاط قوة الخصم والحفاظ على معتقداته واسلوبه الذي يؤمن به".
التكتيك والمغامرة
فيما اعتبر الالماني الآخر لوثر ماتيوس الفائز بجائزة الكرة الذهبية عام 1990 والمحلل في قناة "سكاي نيوز" في بلاده أنه "في مباراة خروج المغلوب، الأمر أشبه بنهائي، يجب أن تلعب على نقاط قوتك ولا يجب أن تقوم بالتجارب. لقد أضعف جوارديولا فريقه لمدة 60 دقيقة".
لكن لا يبدو أن جوارديولا يعتزم توجيه نقد ذاتي في هذه النقطة،إذ قال بعد المباراة "نحن نعرف هذه المسابقة، على ارض الملعب يجب أن تكون جادا ولا تستقبل الأهداف،تظهر الإحصائيات أننا كنا جيدين، وتفوقنا على الخصم في جميع المجالات، ولكن هذا لم يكن كافياً".
وانتظر بيب حتى الدقيقة 84 لإشراك الإسباني دافيد سيلفا فيما بقي كل من فودين والبرتغالي برناردو سيلفا على دكة البدلاء، بعد أن أدخل الجزائري رياض محرز في الدقيقة 56 بدلا من فرناندينيو.
مما لا شك فيه ان اللوم لا يقع كاملا على جوارديولا، إذ إن تمركز كايل ووكر الخاطئ أدى إلى افتتاح ليون التسجيل عبر العاجي ماكسويل كورنيه، وخسارة الكرة قرب منطقته أدى إلى هدف الفريق الفرنسي الثاني، فيما أهدر رحيم ستيرلينج بصورة غريبة فرصة مذهلة لمعادلة الأرقام 2-2 أمام باب المرمى الخالي قبل 59 ثانية من تسجيل موسى ديمببيلي هدفه الشخصي الثاني والثالث لفريقه ليحسم النتيجة.
ولكن إذا ما أراد جوارديولا استعادة المجد الاوروبي يوماً ما، عليه التمييز بين العبقرية التكتيكية والمغامرة.

ف ه/ر م/ف ط

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!