‎قرأت في الصحف أخيرا تصريحا لأحد النواب المنتمين إلى حزبكم. هذا التصريح المرفوض أدبيا وأخلاقيا وحقوقيا يستأسد علينا، ويخوّن كل من عبر عن رأيٍ مخالف بشأن مقايضة قضيتنا الوطنية، وهي الصحراء المغربية، بالتطبيع مع دولة إسرائيل.

أريد أن أؤكد في البداية أني مع أيّ حل بين الشعب الفلسطيني ومنظماته الوطنية وبين إسرائيل، شريطة أن يتوافق حوله الفلسطينيون، فأنا معه وسوف أتبنّاه إن كان سيضمن حقوق الشعب الفلسطيني العادلة. وإني، ومن منظور حرية الرأي والتعبير، أندد بتصريح السيد نائب حزبكم الذي يخوّن المعارضين لقرار التطبيع، وهم يعبرون عن آرائهم سلميا، في إطار الدستور المغربي الذي يضمن حرية الرأي.

وإني لأرى أن ذلك التصريح هو عين الجور وعين الاعتداء على حريتهم في الرأي، وفي نظري، فإنّ ذلك التصريح ليس برأي، لكنه تهديد، ومحاولة قمع لحقوق المغاربة والمغربيات في حرية الرأي، وهو أيضًا يناقض نفسه، لأنّ هذا البرلماني يدلي برأيه ويروم منع الآخرين من الإدلاء بآرائهم، فمراده هو أن يبقى رأيه هو الرأي السائد في الساحة، ونزع كل الآراء الأخرى من النقاش العمومي، وهذا أخطر شيء، إذ إنه يشطب بجرة قلم على حرية الرأي والحريات الأخرى التي يضمنها الدستور والقانون المغربيان.

‎وبالمناسبة، فإني لا أجد في هذا التصريح أصالة ولا معاصرة، إنما هو قمع وروح القمع، لهذا، فإنه مرفوض جملة وتفصيلا. وأود بهذه المناسبة أيضا أن أحيي النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين على دفاعها عن حرية الرأي والحق في الاختلاف، وأحيي كذلك الناشطين الحقوقيين، ومنهم سارة سوجار، التي اعتبرت أنّ تصريحات النائب البامي المعني مشابهة للقمع الذي تعرضت له الوقفة المناهضة للتطبيع أمام البرلمان، وأعلن هنا تضامني التام مع منظمي الوقفة، كما أعبّر عن امتعاضي من تعامل الشرطة مع المناضلين عبد الرحمان بنعمرو وسيون أسيدون اللذين حضرا الوقفة. ولا أخفي شعوري بالإهانة جراء المشهد البائس الذي رأيناه في التدخل الأمني والمعاملة غير اللائقة والمرفوضة مع المناضلين بنعمرو وأسيدون، وكذلك المناضلين الشباب الذين كانوا بجانبهم، والذين تعرّضوا للضرب والجر وأنواع أخرى من العنف.

‎حين يستأسد علينا النائب البرلماني المذكور، وعلى كل من له رأي مخالف، ويطلب من غير سند محاكمة أصحاب وصاحبات الرأي المخالف، ويقول لنا: هل أنتم معنا أو ضدنا؟ أقول له: ومن أنت؟ هل أنت تمثل الشعب المغربي قاطبة؟ الجواب هو: لا. أنت تنتمي إلى شريحة من الشرائح الكثيرة للشعب المغربي العظيم. تنتمي إلى شريحة فقط، وأنا أقول لك إني لا أريد أن أنتمي إلى شريحة تضم أمثالك، ولي الشرف، كما للمناضلين، للانتماء إلى السواد الأعظم من الشعب المغربي الذي يساند حقوق الشعب الفلسطيني. وفي الأخير، فإني أطالب العقلاء داخل حزبك نفسه بأن يساهموا في الدفاع عن حرية الرأي والتعبير ويحمونا علانية، وفي الإعلام، من شر وسخافة جورك.

مقالة رسالة عبد الله حمودي إلى عبد اللطيف وهـبي اليوم 24 مقتبسة من موقع سواح هوست.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!